وهذا القول هو كناية عن البدء بحكاية ، تقال للمعابثة او المبالغة ، وتعني ان مايقوله الحاكي يدخل في القصص والحكايات الخرافية ، وبما ان حكايتنا لهذا اليوم تدخل ضمن هذا الباب ، لذا نوهنا عنها بجان ماجان .... ويحكى ان احدهم نام ممتلىء البطن قرير العين ، فرأى في المنام انه اعطى مسكينا (1000 ) دينار ، وكان هذا الرجل قد فعل جميع الموبقات ، لم يشهد له احد انه عمل عملا صالحا سوى هذه الالف التي قصر بها عن نفسه واعطاها للمسكين ، وبعدها رأى انه مات ، وشهد يوم القيامة ، وبعد ان نادوا باسمه ادخلوه الجنة لمساعدته ذلك المسكين ، فاخذه العجب والزهو بنفسه ، ونادى على الملائكة ان يحضروا له طعاما وشرابا ، فاكل وشبع ومن ثم احضرت الفواكه ، وهو في هذا قد اتعبهم لكثرة طلباته ، وتنقله بين انهار الخمر واللبن والتي ختمها انه يريد الفتيات التي وعد بها المتقون (حور العين ) ، فضجر الملائكة منه لكثرة طلباته ، وقالوا له : (ولك هيّه الف دينار ، اكلت اوشربت وافتريت بالجنه ، وانوب تريد حور العين ) .
وقضية صاحبنا مثل قضية بعض الكتل ، التي حازت على اصوات قليلة في انتخابات آذار الماضي ، وحتى هذا القليل لم تكن لتحصل عليه لوان الشعب العراقي يمر بظروف مستقرة ، وشخصية الفرد فيه مستقلة عن المؤثرات المصحوبة بالتهديد او المجاملة ، ولانريد ان نتحدث عن بواطن الامور لانها تحتوي على العجب ، اناس بسطاء يوعدون بالجنة ، ومعها وعيد وترغيب ، مضافا اليها مؤثرات صوتية عن طريق الاناشيد من مثل الدائرة في هذه الايام في سيارات الاجرة ، بحيث لاتعرف اهي اناشيد دينية ام وطنية اذ انها تخلو من الحماس وتجنح الى الاصوات المليئة بالبكاء ؛ بينما صديقي العائد من فرنسا حدثني انه لم ير فرنسيا دون كتاب يقرأه بالسيارة والمقهى والطريق والمتنزه ، فقارنت بين البون الشاسع بين ابناء بلدي ، اذ ترى الاستاذ الجامعي يقتسم مقعدا واحدا في السيارة مع الامي الذي لم يدخل الى المدرسة ، واعني ان الظرف القاهر والحروب المتعددة اعطت للاول فرصة للتعلم وحرمت الثاني ، ولذا ليست هنالك لغة مشتركة بين الاثنين ، المشتركات موجودة ، لكن الثقافة الجماهيرية تكاد تكون مختفية تماما ، ومع هذا فالاول صوت والثاني صوت على الرغم من البون الشاسع بين الاثنين ، وكانت النتيجة ان احزابا عريقة وذات تجربة كبيرة لم تحصل على مقعد واحد ، لالشيء فقط لان شرائح المجتمع غير متقاربة ، والاغلبية تؤثر فيها الاناشيد والهوسات ، المهم جمعت هذه الكتل اصواتها بالهوسات ، وليت الامر انتهى الى هذا الحد ، بل ترى ان ارادتها اقوى من ارادة الباقين ، فهي تريد هذه الشخصية وتقف ضد تلك ، تطلب الكثير وهي لم تحصد الا القليل مثل صاحبنا ابو الالف ، اعطى ورقة بسيطة ويريد ان يستحوذ على طيبات الجنة كلها .
من المؤكد ان ابناء المجتمع يتساوون في الحقوق والواجبات ، الطبيبة صوت وربة البيت صوت ، والاستاذ صوت والذي يجمع القناني الفارغة من الازقة صوت ، هذه هي الصيغة الديمقراطية المعمول بها في كل العالم ، وفي شعوب تشبه الشعب الفرنسي ، واخرى متفاوتة ، هذا ليس عليه اعتراض بحسب بنية الشعب وماتعرض اليه ، ولكن هذا يفرز شيئا آخر ، انه ياسادتي يفرض قيادات مشابهة لقواعدها ، عندها تكون الكارثة ، ويصبح العصر عصر المتخلفين فيضيع كل شيء ، والادهى والامر ان صوت الجاهل والذي اعطاه دون تفكير وتمحيص يحاول ان يصادر في وقتنا الحاضر اصوات الباقين ، فيختار هو رئيس الوزراء ويعترض هو على رئيس الوزراء ، ورحم الله الحكيم قس ابن ساعدة حين اوصى ابنه فقال : يابني اذا رأيت قوما شجاعهم يجبن ، وجبانهم يتشجع ، وذو الرأي الحصيف يلوذ بذي الرأي الخطل ، فاذهب الى رابية ، وانظر الامر عن كثب ، ترى الامر فيه خيانة .
عبد الله السكوتي