السلام هو سلوك حيوي معيشي ينبع من قيم المجتمع واتجاهاته ويجب أن يربى عليه الأفراد منذ نعومة أظافرهم، وهناك العديد من الأقوال المتواترة التي شاعت في أعمال الفلاسفة، والباحثين، تمجد جميعها السلام، وتجعل منه قيمة أساسية ومحورية في الحياة. وقد اختلف العديد في إعطاء تعريف موحد لمفهومه، لكن ما يشار اليه عادة في هذا السياق هو "غياب الخلاف، العنف أو الحرب".
وما أجده في تواضع هنا، أن مفهومه لا يفترض أن يختلف عليه اثنان، فهو الطبيعة التي وجد الانسان فيها بدون تدخله.
وهذا الاستنتاج يدخلنا في مناقشة أخرى للوصول الى حقيقة مفادها إن تدخل الانسان في المقومات الطبيعية للحياة هو الذي نزع السلام منها وأشعل فتيل ما يناقضه، وهذا ما يفقده معناه أساسا لتمييزه والتعرف عليه كالحروب والعنف بكل أشكاله، فأصبحنا نبحث عن صناعته، لذا قيل صناع السلام، وصناعة السلام، ونصنع السلام، نقيضا للحقائق المشار اليها سلفا.
إنما يراد بهذا الطرح ذر الرماد في العيون، وكأنما السلام غاية لا تدرك، ولاوجود لها إلا بصناعتها وهذا ما يخالف الطبيعة ونشأتها. بينما نحن الذين فقدنا السلام بتصرفاتنا الأنانية التي لا ترقى الى أبسط المقومات الإنسانية الطبيعية التي جبل خلق الانسان عليها.
مرت علينا قبل أيام مناسبة مهمة، ربما لم يستشعرها العراقيون بسبب انشغالاتهم عنها قولا وفعلا، وربما لأنها لا تعنيهم في ظل ظروفهم العصيبة، وهي مناسبة اليوم العالمي للسلام الذي نرجو أن نفتح كل نوافذ التفكير للتعامل مع مفهوم “السلام” على كل المستويات منها: مستوى الدول، والجماعات البشرية، والسلام داخل الأسرة، وأهمها ما بين المرء وذاته.
فاذا ما تجردنا من أنانيتنا، وحسدنا، وغيرتنا التي أوصلتنا الى حد الحقد على أقراننا في الإنسانية، فإننا نتشذب من سرطانات الايذاء عائدين الى طبيعتنا السليمة. هل نستطيع أن نترك لأنفسنا أن تتعايش مع الحياة بتجرد؟ سؤال يحتاج الى جرأة بالإجابة ثم بالتطبيق! هذا اليوم يذكرنا بحقيقة مهمة في الحياة نحتاج اليها أكثر مما نحتاج الى مقومات الحياة الأخرى، ألا وهي السلام، فهل نحن صانعوه أم فاقدوه؟
كلما تمعنا في هذا المفهوم فإننا ببساطة نجد أن تدخلنا في تغيير الطبيعة الإنسانية هو المحصلة التي أمامها تلاشى السلام.
كيف للسلام أن يكون قائما وبيننا الدجالون والسحرة والمشعوذون الذين يقتلون السلام بكل لحظة وهم يعيشون وهم المعرفة الخارقة، بينما يتلاشون بانفجارهم بعد انتفاخهم، كضفدعة ابن خلدون.
في هذا اليوم العالمي، ابعث لسلام الشهيد، ومثله شهداء الوطن المغدورين بمثاقب الحقد الطائفية دموعي ترفرف بأجنحتها سلاما.
سلام عليكم يوم ولدتم ويوم استشهدتم، ويوم تبعثون بيوم السلام.
وداد فرحان: كاتبة صحافية ، عضو في نقابة الصحفيين الأستراليين، عضو في نقابة الكتاب والصحفيين في العالم
• رئيسة تحرير جريدة بانوراما الصادرة في استراليا
• رئيسة منظمة الابداع من اجل السلام العالمية فرع استراليا
• سفيرة السلام العالمي منذ عام 2008
• سفيرة الجالية العراقية لبطولة كأس آسيا 2015
• سفيرة الجالية لبطولة الركبي الاسترالية 2017
• عضو في جمعية محاربة السرطان في نيو ساوث ويلز
• عضو في المجلس العربي الاسترالي
• عضو في المجلس التجاري العربي الأسترالي
• عضو في رابطة المراة العراقية فرع استراليا
• رئيسة البيت الثقافي في الهند فرع استراليا
• عضو في منتدى الجامعيين العراقي الاسترالي
• عضو في اغلب المؤسسات والجمعيات الخيرية الاسترالية والعربية الخاصة في حقوق الانسان وحقوق المرأة وحماية الطفولة.
• عضوة ناشطة في اغلب الفعاليات الثقافية والاجتماعية في استراليا
By accepting you will be accessing a service provided by a third-party external to https://www.iraqi.dk/
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. - المقالات التي تنشر في الشبكة تعبر عن رأي الكاتب و المسؤولية القانونية تقع على عاتق كاتبها / الاتصال