
حظيت المقابلة بالاهتمام .. فنالت على إشارة في الغلاف الاول . ويسرنا ان ننشر نصها في شبكتنا .. شبكة الاعلام في الدنمارك .. ايضا
**********************************************************
الشاعريحيى السماوي .. ل (الف باء) :
نقوش على جذع نخلة .. اول ديوان لشاعر عراقي يدعو لمقاومة المحتل مبكرا !
السويد / مالمو
حوار : رعد اليوسف
• ساعتان مرتا مثل نسمة بعمر ثوانٍ ، وهكذا هو طبع الجميل من الوقت .. احاديث عن الشعر والأدب والوطن .. وحكايات عن الإبداع والابتكار والفنون.. والاصدقاء والأحبة والوفاء.. إبحار في عوالم الشعر.. وغوص في بحوره .. والتمتع بلآلئه وضوء قناديله ، وذكريات عن البدايات وتفجر ينابيع المعرفة بالحروف وتشكيل الكلمات.
يحيى السماوي ، الشاعر الكبير .. التقيته في مالمو السويدية .. فألقى علينا بظلال جمال احاديثه ومحطات حياته ، شعرا وسياسة وغربة وتجارب اخرى .. !
اخرج كمأة شعري
-------------------
• في البداية سألته : كيف تعرّف السماوي على الشعر ؟ .. فقال :
-ما حدث معي في العلاقة مع الشعر .. اني وجدت نفسي اكتبه دون ان أفكر في كتابته أساسا ، ولد بتلقائية ونما ، مثل تلقائية الكمأ حين ينبت ليدل الاخرين عليه في عمق البراري عبر الانتفاخ الذي يحدث في اعلى التربة .. واذكر ان مدرس اللغة العربية طلب إلينا كتابة موضوع في درس التعبير عنوانه بيت للنابغة : لا مرحبا بغد ولا اهلا به الخ .. وبدلا من تهيئة الموضوع بشكل عادي وجدت نفسي افترش سطح الدار في ليل قائظ لأمضي ليلي اكتب وأمحو حتى طلوع الفجر .. فحصلت مفاجأة .. المفاجأة كانت اني أضفت ثمانية ابيات مع الموضوع على نفس وزن البيت والقافية ، دون ان اعلم اني كتبت شعرا ، لو لا ان مدرس اللغة العربية ينبهني الى ذلك .. حيث اشاد بموضوعي ودعاني في الفرصة امام المدرسين والمدير لاقرأه واهداني بضعة كتب ونشرها في مجلة ( الشذى ) مجلة التربية . كان ذلك في أوائل الستينات .. كنت في الثاني المتوسط .. هكذا انتبهت الى ولادة القصيدة لدي ! وكما هو واضح فأن هذا المدرس هو الذي اخرج كمأتي في الشعر .. كان اسمه شمخي جبر.
بعد المراهقة الشعرية !
-------------------------
• # لمن يكتب السماوي .. ولماذا ؟!
- في مراهقتي الشعرية ، كنت اكتب لحبيبة في الخيال ، حيث كنت تلميذا لكل شعراء الرومانسية كقباني وابي شبكة ومثلائهما .. اي ان القصيدة لدي لم تكن لها هوية وليس لها قضية .. صبي مراهق ، يكتب عن النهد ولَم ير غير ثدي أمه ! .. ويكتب عن القبلة وربما لن يقبل الا يده.. وبعد مراهقتي الشعرية .. اسميها كذلك ، لأني اشعر بمرحلة اعقبت تلك اسميها مرحلة النضوج الشعري .. في هذه المرحلة اصبحت وظيفتي كشاعر هي ان اسهم في غرس وردة في حديقة المحبة الكونية ، أو ان اسهم في قلع شوكة من هذه الحديقة .. فمع بداية نضوجي الشعري أعلنت تضامني مع الحفاة والجياع في حربهم العادلة ضد الاباطرة والمتخمين واصحاب القفازات الحريرية .. بدأ الحس الطبقي لدي ينمو والسياسي كذلك وكان ذلك ايام الدراسة الثانوية .. فتحولت القصيدة لدي من مجرد ترف لفظي الى سلاح احارب به حتى وان كنت في صحراء لا وجود لعدو امامي . وبالمناسبة فأن الشعر ، هوائي الذي أتنفس ..انا أحب الحياة واكتب لمن يحبها .. وارفض ان أكون صورة مكررة.. وسئلت مرة بحضور الشاعر الكبير الجواهري في بيتي في جدة من قبل احد الحضور : هل تحب ان تصبح المتنبي أو الجواهري ؟ فأجبت:
- لا اطمح ان أكون كذلك لسببين .. الاول .. ان الزمن والشعر لن يسمحا لأحد ان يكون متنبئ جديدا أو جواهري .. والثاني ..أفضِّل ان أكون عشبة صغيرة تحمل ملامحي على حقل شاسع يحمل ملامح غيري . . هكذا انظر وأتعامل مع الشعر .. انه حصان كريم يختلف عن بقية الخيول .. حصان الشعر جامح دوما ويسلم لجامه لمن يحترمه ولمن يمتلك الفروسية الحقة.. القصيدة تفتح ذراعيها لفارس الشعر الحقيقي ، وترمي كما يرمي الحصان الى الارض دعي الفروسية ودعي الشعر.
انا مع القصيدة الانسان
----------------------------
• # الكلمة مسؤولية .. والشعر رسالة..كيف تنظر الى مسؤوليتك في التعامل مع الكلمة..ورسالتك مع الشعر ؟
- لو لم تكن للكلمة منزلتها العظمى المقدسة لما ابتدأ بها الله تعالى قرآنه المجيد في قوله سبحانه " إقرأ باسم ربك " ـ كذلك في الإنجيل " فِي الْبَدْءِ كَانَت الْكَلِمَةُ " .. هذه المنزلة العظمى للكلمة توجب على المشتغلين بها ـ أدباءً وإعلاميين وجميع المعنيين بالمعرفة ـ إستثمارها في الذود عن الكرامة المتأصّلة في الإنسان وتحقيق حقه المشروع في الحياة الكريمة ... وفق هذه القناعة أرى أن وظيفة الشعر ـ باعتباره بناءً من الكلمات ـ هي المساهمة في إضافة زهرة ، أو اقتلاع شوكة ، او زرع ابتسامة وأمل ... وظيفة الشعر المساهمة في إضاءة العتمة ، لذا أرفض أن يكون الشعر ترَفاً لغوياً وفذلكة كلامية . أنا مع " القصيدة الإنسان " .
الشعر يتعرض الى نكسات .. ولكن ؟!
------------------------------------------
• كيف تنظر الى مسيرة الشعر في العراق..وهل من بشائر تؤكد نهضته ؟
- الشعر لا يموت.. لان شعور الانسان لا ينتهي .. الشعر له علاقة بالمشاعر فرحا وحزنا .. ونحن أمة حضارتها شعرية .. فكما ان الإغريق حضارتهم الفلسفة .. وان الرومان حضارتهم المسرح ، فالأمة العربية والعراق منها ، حضارتها شعرية . لكن الشعر يتعرض الى نكسات .. واعتقد انه كلما فسد النظام السياسي فسدت معه الثقافة .. الشعر يحتاج الى بيئة صالحة للابداع .. فهو كائن حي .. ويحضرني قول الى تشرشل الذي كان من أشهر رؤساء الوزراء في تاريخ بريطانيا .. قاله حين كان وزيرا للمستعمرات :
- ان بريطانيا العظمى مستعدة ان تخسر كل مستعمراتها على ان لا تخسر بيت شعر واحد من شكسبير . يا ترى كم شكسبير خسر العراق الان وسابقا ..الشاعر الكبير محمد علي الخفاجي باع بيته كي يوفر ثمن غسل كليته !! كمثال .
نقوش على جذع نخلة !
---------------------------
# ازاء هذه الخيبة الكبيرة من سياسات حكومات ما بعد 2003 ..هل صمتت قصائدك ام كان لها تغريدات في رحاب التنديد والمقاومة ؟!
- كنا وما زلنا على يقين من ان أمريكا لن تجلب حكومة وطنية .. لان وجود اية حكومة وطنية يعني مقاضاة أمريكا .. لذلك وبكل فخر اقول انا الشاعر العربي العراقي الوحيد الذي اصدر في بداية الغزو ديوانا كاملا حملت قصائده دعوة للكفاح المسلح ضد أمريكا .. والديوان كان ( نقوش على جذع نخلة ) وحاز على جائزة البابطين كأفضل ديوان شعر عربي صدر في 2005 وحاز على الجائزة في عام 2008 علما ان قصائد الديوان كتبت في 2003 - 2004 واذكر ان مقالة الجلبي لبوش استفزتني .. اذ وجدت فيها نيلا من قيم ونبل شعبي.. انه يقول لبوش : اذا دخلتم العراق فأن الشعب سيلقي عليكم الورود ..فرديت بأول قصيدة نيابة عن الشعب فقلت :
حاشاك تنثر للغزاة ورودا
فلقد خلقت كما النخيل عنيدا
لا زال فيك من الحسين بقية
تأبى تبايع في الخنوع يزيدا
مادام ان الموت حتمك
فأقتحم ميادينه حتى تخر شهيدا
# وهكذا فأن قصائد الديوان كلها تحريضية .. واشعر ان ذلك جزءً من مسؤولية الشعر والكلمة ايضا .


