
مرة اخرى اعود الى الجزائرحيث تعم التظاهرات التي بدأت احتجاجا على ترشيح الرئيس بوتفليقة رغم اعلانه بعدم الترشيح ودعوته الى اجتماع للقوى السياسية ليقرروا شكل النظام الجديد.
كتبت في 4 اذار الماضي في مدونتي في شبكة الاعلام في الدنمارك بعض ذكرياتي عن الرئيس احمد بن بللا والان استذكر لقائي بمناضل جزائري اخر مستعرضا جوانب من حياته.
تعرفت عام 1962 على المناضل الجزائري حسين ايت احمد الذي توفي اواخر عام 2015عن عمر ناهز 89 قضاه في النضال ضد الاستعمار الفرنسي ثم النضال من اجل الديمقراطية مختلفا مع رفاق الثورة ومنهم الرئيس احمد بن بللا.
في عام 1962 جاء الى بغداد قادة الثورة الجزائرية بعد ان اطلقت الحكومة الفرنسية سراحهم بموجب اتفاقية ايفيان الشهيرة والتي نالت بموجبها الجزائر استقلالها. وكان حسين ايت احمد احد القادة الذين زاروا بغداد حيث التقوا الزعيم عبد الكريم قاسم وبحثوا معه استمرار الدعم العراق للجزائر بعد استقلالها مثلما كان يقدم الدعم لجبهة التحرير الجزائرية.
كان من بين القادة احمد بن بللا ومحمد بوضياف ومحمد خيضر الذي كان في ذلك الوقت الوحيد بينهم الذي يجيد اللغة العربية.
وكان من الواضح ان حسين ايت احمد يحمل اراء تختلف عن الاخرين في طريقة الحكم بعد الاستقلال.
** تاريخ نضالي
وقد تابعت مسيرته بحكم عملي الصحفي طوال 53 عاما منذ التقيته في بغداد لحين وفاته قبل 4 سنوات.
قبل الاستقلال التحق حسين ايت احمد عام 1947 بالمكتب السياسي لحزب الشعب، وتولى قيادة أركان المنظمة السرية والتحضير للعمل المسلح لمقاومة الاحتلال الفرنسي.
ثم أصبح عضوا في المجلس الوطني للثورة الجزائرية، وفي الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية التي أعلن عن تشكيلها في القاهرة عام 1958.
ومن الاحداث التي كان يفخر بها في احاديثه انه عندما كان عمره 23 عاما أشرف مع أحمد بن بللا عام 1949على عملية بريد وهران التي تمت بالاستيلاء دون إراقة دماء على مبلغ مالي هام استخدمه المقاتلون في توفير السلاح لهم.
** عندما اعتقل مع رفاقه
وفي تشرين الاول 1956 كان برفقة كل من أحمد بن بللا ومحمد خيضر ومحمد بوضياف، والكاتب مصطفى الأشرف على متن الطائرة المتوجهة من العاصمة المغربية الرباط إلى تونس عندما اختطفتهم السلطات الاستعمارية الفرنسية وظلوا في المعتقلات الفرنسية حتى عام 1962
وظل بعد نجاح الثورة التي كان احد قادتها خارج الحكومات التي تعاقبت على البلاد بل انه اختلف مع رفيقه اول رئيس للجزائر احمد بن بللا
فبعد حصول الجزائر على استقلالها في 5 تموز 1962م، نظمت انتخابات للمجلس التأسيسي في شهر ايلول وكان حسين آيت أحمد من ضمن الفائزين ولكنه ما لبث أن اصطدم مع ما كان يعتبره سياسة تسلطية للرئيس أحمد بن بللا ، فاستقال من المجلس التأسيسي وأسس حزب جبهة القوى الاشتراكية في ايلول 1963 ليحمل السلاح ويدخل متخفيا إلى تيزي وزو حيث أوقف عام 1964 وحكم عليه بالإعدام، ثم صدر عفو عنه ووضع في السجن وبقي فيه بعد انقلاب هواري بو ميدن 1965لكنه هرب من السجن و من الجزائر في عام 1966ليعيش في منفاه الاختياري بسويسرا ولم يعد إلا مع الانفتاح الذي أعقب أحداث تشرين الاول 1988.
** في سنوات المنفى
وخلال وجوده في الخارج درس في الجامعات السويسرية ونال شهادة في الحقوق ثم ناقش أطروحة الدكتوراه في جامعة نانسي بفرنسا عام 1975م وكان موضوعها: حقوق الإنسان في ميثاق وممارسة منظمة الوحدة الإفريقية.
رحمه الله كان مناضلا طوال حياته.

