رغم ان فايروس كورونا قد اوقف الحياة بكل مفاصلها لكنه لم يوقف الفكر المتأجج بالابداع الادبي، فهكذا كانت لنا مناسبة الحضور والمشاركة في مهرجان ادبي اطلق فيه الاديب الدكتور رغيد النحاس كتابه الموسوم "نصوص عادية".
حضر المهرجان عدد من اهل الادب والعلم رغم المحاذير الصحية وحرصوا على تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي والالتزام بوسائل الوقاية للمساهمة والمشاركة في انجاح المهرجان. وكنت ضيفة بدعوة من المؤلف الذي شرفني باختياري من ضمن المتحدثين على منصة المهرجان.
وكانت لي كلمة فيما يلي نصها:
مساؤكم محبة وسلام
لن أبدأ بـ "يشرفني ان اكون". ولا "يسعدُني أن أقول".. وأنا في حضرة من أقلقَ خطوتي الأولى في مهنة المتاعب، وجعل صخب الأفكار تتحدى القرار. اليوم دعاني أن أكون على منصة نصوصه العادية، فكيف لي أن أخوض بنص عادي، وأنا الهائمة بمفردات قلائد قصائده. فهل يعقل أن نكون على مائدة الغث بينما اعتدنا على السمينِ من موائده الادبية؟
لقد خدعني العنوان، عندما تصفحتُ محتواه، فوجدتُني أمام انسكلوبيديا شعرية المضمون والصورة، فالحلم حقيقة يعيشها المؤلف، وينقل حياتَها إلى نبض معرفتنا التواقة إلى شهيق المعرفة، فما بين النص السياسي ومأساة واقعه ومرارة أحداثه، يضع النحاس الحلول التي عجزت عن إقرارِها الامم.
نصوص عادية خرجتْ عن المألوف في تجسيد شخصية المؤلف بصياغتها، فكل نص يحتاج إلى وقفة تأمل، وأعادة في القراءة لهضمِ مفهومِ الصورة، بل لتحليل ما بطن في معناه ومراده.
قلبه الكسير حطمته حفنة من الحمقى في دقائق، كما هو فعلهم مع الصروحٍ الحضارية العظيمة، فكم حمل ذلك القلب من الامٍ وهو يتحطم في هيروشيما، ناغاساكي، حلب، تدمر وغيرها التي تقفُ بالانتظار.
الوطنية عند النحاس فاقدة الانتماءات العرقية والسلالات والتعصبية، "ارفعوا أيديكم عن سوريا": نداء ضميرٍ لا ينتمي الا لانسانيته بعيدا عن سراب الافاق، و"أستراليا البلد الذي تبنيناه وتبنانا" دليل الوطنية الحقة الذي أعطاه النحاس سنين شبابه، وجعل من ذلك التبني دينا أخرج من أجله الإبداع، فأنزل من مزن فكره النير شلالات من النتاجات الادبية ردا لجميل ما تبناه.
ولم يتركْ في نصوصه العادية رد الجميل لجميل العلاقات الانسانيةِ للجيرانِ، هكذا يعيش أبناء الحارة في بلدانهم الجديدة، حتى الاصدقاء كان لهم النصيب الوفير بل الحظ الأوفر أن يكتب قلم النحاس عنهم.
وانا المتعثرة بخوطتي الاولى أقف اليوم أمام قاسيون الغربة، بكلِ تواضعه وجميل فهمه وعظيمِ تقديره، ولولا قلقه لما استقام طريقي في مهنة المتاعب. وكما اسلفت إنني لن أبدأ بـ "يشرفني أن أكون"، وددت أن أختم بـ "يسعدني ويشرفني" أن أكون متحدثة في إطلاق "نصوص عادية" التي احتوتْ على "نصوص نارية" واخرى إنسانية وفلسفية، فكيف لي أن أكون غير ضيفة عادية في مهرجان "نصوص ألقية".
شكرا بكل المحبة والعرفان لعراب نجاحي، وشكرا لحضوركم الكريمِ المميز.
شكرا بمحبة للدكتور رغيد النحاس، الشخصية الادبية الواعية، عاشق الحياة والحب والسلام.. عاشق الصورة وصانع السعادة. ومباركة وامنيات لمزيد من الابداع وشكرا من القلب لدعوتكم الكريمة.
شكر وتقدير للفنان المبدع مصطفى حجازي.. ولجهوده المخلصة في تصوير وتوثيق مناسبات الجالية .